بكركي والسرايا: تفاصيل اللقاء غير المُعلن بين الحريري والراعي
منذ وطأت أرجل الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي (السنّيان) نهاية الأسبوع الفائت أرض البطريركية المارونية في بكركي حتى باشر الإعلام المبرمج من جهات سنيّة محددة استهدافهما واستنباط المبررات لذلك، ليتبين لدى المراقبين أن ذلك مرتبط بالدور الذي قام به البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي عشية إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري عزوفه عن المهمة التي أوكلت إليه، مع الملاحظة بقوة أن سيد بكركي قد صوّب حينها وبقوة على زعيم التيار الأزرق إثر اللقاء المسائي غير المعلن الذي عُقد بينهما في مقر مطرانية بيروت المارونية. فما هي حيثيات ذلك اللقاء وإلى ماذا أفضى؟
مصادر مقربة من الصرح البطريركي الماروني أطلعت “أحوال” على التفاصيل التي رافقت تلك المرحلة والتي واكبها الكثير من الغموض حول من كان “سيد العرقلة”: الرئيس الحريري نفسه أم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون؟
يتذكر جميع المراقبين أنه في مرحلة تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة كانت العديد من عظات الأحد والمواقف تقترب أكثر من الرئيس الحريري، وتذهب بإتجاه توجيه اللوم مباشرة أو مواربة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالعرقلة، إلى أن شدّ الحريري الرحال إلى حاضرة الفاتيكان في نيسان الفائت حيث شن هجوماً (علنياً وسراً) على رئيس الجمهورية محملاً شماعته كل عراقيل التأخير، وقال بالحرف:”جولاتي خارج لبنان هي للعمل وللبحث في كيفية مساعدة لبنان، وربما هناك من يقوم بالسياحة داخل القصر الجمهوري”.
ولكن دوائر الفاتيكان الملمة بتفاصيل الملفات اللبنانية، (رغم الشوك الذي يحيط بها)، لم تقتنع بما أبلغه الحريري إليها. وطلبت البطريرك الراعي على عجل وأبلغته برغبة شخصية من قداسة البابا فرنسيس بالاطلاع على حقيقة ما يجري، ومعرفة “مَن الكاذب”! (بالحرف). فسارع غبطته إلى إبلاغ رئيس الجمهورية بالطلب الفاتيكاني وإتفقا على موعد في اليوم التالي، حيث توصلا إلى صيغة مكتوبة تسهّل الأمور وترضي الجميع.
وفور عودة الحريري إلى بيروت أرسل إليه البطريرك الراعي الورقة، متمنياً الإجابة عليها في أسرع وقت. وعندما ماطل الحريري بالجواب وارتفعت وتيرة اتصالات بكركي لتسلم “الرد الإيجابي”، أوفد الحريري مستشاره الوزير السابق غطاس خوري متذرعاً بأمور عدة حالت دون الجواب، وأبرزها الوضع الأمني الذي يحول دون قيام الحريري بزيارة الصرح، (مع العلم أنه كان قد تناول العشاء إلى طاولة البطريرك قبل فترة ليست ببعيدة). فسحب البطريرك الراعي هذه الذريعة وأبلغ الموفد بأنه على استعداد للذهاب إليه بنفسه. وكان الإتفاق على عقد لقاء ليلي في مطرانية بيروت المارونية في بيروت بعيداً عن الإعلام. وبعدما تشعّب الحديث سأل غبطته عن الجواب على “الورقة الإقتراح” فقال الحريري بأنه نسيها على مكتبه، عندما غادر المنزل على عجل، واعداً بالإجابة عليها في اليوم التالي!
ولكن “الصباح لم يكن رباح”، حيث تناقلت وسائل الإعلام أن الحريري غادر لبنان صباحاً إلى إحدى العواصم الخليجية، ففهم رأس الكنيسة المارونية الرسالة، وإنقطعت الاتصالات بين بكركي وبيت الوسط. في حين أعدّ سيد الصرح رسالة إلى الفاتيكان يشرح فيها الحقيقة بين ما يُعلَن وما يُضمَر!
مرسال الترس